وَمَعْرِفَةَ الْحُكْمِ وَالْمَعَانِي الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا الشَّرِيعَةُ مِنْ أَشْرَفِ الْعُلُومِ فَمِنْهُ الْجَلِيُّ الَّذِي يَعْرِفُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَمِنْهُ الدَّقِيقُ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ إلَّا خَوَّاصُهُمْ؛ فَلِهَذَا صَارَ قِيَاسُ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ يُرَدُّ مُخَالِفًا لِلنُّصُوصِ؛ لِخَفَاءِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ عَلَيْهِمْ كَمَا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مَا فِي النُّصُوصِ مِنْ الدَّلَائِلِ الدَّقِيقَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ الْمُضِيَّ فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَعَلَى مَنْ شَرَعَ فِيهِمَا أَنْ يَمْضِيَ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِالدُّخُولِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَهُمْ مُتَنَازِعُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ التَّطَوُّعَاتِ: هَلْ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ؟ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْإِحْرَامِ أَنْ يَمْضِيَ إلَى حِينِ يَتَحَلَّلُ وَأَنْ لَا يَطَأَ فِي الْحَجِّ فَإِذَا وَطِئَ فِي الْحَجِّ لَمْ يَمْنَعْ وَطْؤُهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إتْمَامِ الْحَجِّ. وَنَظِيرُ هَذَا الصِّيَامُ فِي رَمَضَانَ لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ بِقَوْلِهِ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ} فَإِذَا أَفْطَرَ لَمْ يُسْقِطُ عَنْهُ فِطْرُهُ مَا وَجَبَ مِنْ الْإِتْمَامِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ صَوْمِ رَمَضَانَ وَإِنْ أَفْسَدَهُ وَهَذَا لِأَنَّ الصِّيَامَ لَهُ حَدٌّ مَحْدُودٌ وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ كَمَا لِلْحَجِّ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute