للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبِرِّ؛ بَلْ يُؤْذُونَ النَّاهِيَ لِغَلَبَةِ الشُّحِّ وَالْهَوَى وَالْعُجْبِ سَقَطَ التَّغْيِيرُ بِاللِّسَانِ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَبَقِيَ بِالْقَلْبِ و " الشُّحُّ " هُوَ شِدَّةُ الْحِرْصِ الَّتِي تُوجِبُ الْبُخْلَ وَالظُّلْمَ وَهُوَ مَنْعُ الْخَيْرِ وَكَرَاهَتُهُ و " الْهَوَى الْمُتَّبَعُ " فِي إرَادَةِ الشَّرِّ وَمَحَبَّتِهِ و " الْإِعْجَابُ بِالرَّأْيِ " فِي الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ فَذَكَرَ فَسَادَ الْقُوَى الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ الْعِلْمُ وَالْحُبُّ وَالْبُغْضُ. كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: {ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَبِإِزَائِهَا الثَّلَاثُ الْمُنْجِيَاتُ: خَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا} وَهِيَ الَّتِي سَأَلَهَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: {اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَشْيَتَك فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَأَسْأَلُك كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا وَأَسْأَلُك الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى} . فَخَشْيَةُ اللَّهِ بِإِزَاءِ اتِّبَاعِ الْهَوَى فَإِنَّ الْخَشْيَةَ تَمْنَعُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى بِإِزَاءِ الشُّحِّ الْمُطَاعِ وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا بِإِزَاءِ إعْجَابِ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الصِّدِّيقُ ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أَيْ الْزَمُوهَا وَأَقْبِلُوا عَلَيْهَا وَمِنْ مَصَالِحِ النَّفْسِ فِعْلُ مَا أُمِرَتْ بِهِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. وَقَالَ: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ} وَإِنَّمَا يَتِمُّ الِاهْتِدَاءُ إذَا أُطِيعَ اللَّهُ وَأُدِّيَ الْوَاجِبُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَغَيْرِهِمَا؛ وَلَكِنَّ فِي الْآيَةِ فَوَائِدَ عَظِيمَةً: