للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالضَّرُورَةِ عَارَضَهَا بَعْضُهَا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ حَرْفٌ وَصَوْتٌ وَاعْتَقَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْقُرْآنُ وَالْكَلَامُ إلَّا مُجَرَّدَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَأُولَئِكَ يَقُولُونَ لَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا مُجَرَّدُ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ. وَكِلَا هَذَيْنَ السَّلَبَيْنِ الْجَحُودَيْنِ الْحَادِثَيْنِ خِلَافُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَأَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ مِنْ سَائِر الطَّوَائِفِ. فَإِنَّ الْكَلَامَ عِنْدَهُمْ اسْمٌ لِلْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي جَمِيعًا كَمَا أَنَّ " الْإِنْسَانَ " النَّاطِقَ الْمُتَكَلِّمَ اسْمٌ لِلْجَسَدِ وَالرُّوحِ جَمِيعًا وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْإِنْسَانَ لَيْسَ إلَّا هَذِهِ الْجُمْلَةَ الْمُشَاهَدَةَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا الْأَصْوَاتُ الْمُقَطَّعَةُ وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْإِنْسَانَ لَيْسَ إلَّا لَطِيفَةً وَرَاءَ هَذَا الْجَسَدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ إلَّا مَعْنًى وَرَاءَ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَكِلَاهُمَا جَحْدٌ لِبَعْضِ حَقَائِقِ مُسَمَّيَاتِ الْأَسْمَاءِ وَإِنْكَارٌ لِحُدُودِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ.

فَصْلٌ:

ثُمَّ إنَّ فُرُوخَ " اللَّفْظِيَّةِ النَّافِيَةِ " الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَنَّ حُرُوفَ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَرْوِي عَنْ مُنَازَعِيهَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ لَيْسَ هُوَ إلَّا الْأَصْوَاتُ الْمَسْمُوعَةُ مِنْ الْعَبْدِ وَإِلَّا الْمِدَادُ الْمَكْتُوبُ فِي الْوَرَقِ،