للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنْ قُلْتُمْ: إنَّهُمْ خُوطِبُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تَجِبَ تِلْكَ الْأَعْمَالُ فَقَبْلَ وُجُوبِهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ الْإِيمَانِ وَكَانُوا مُؤْمِنِينَ الْإِيمَانَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ مَا خُوطِبُوا بِفَرْضِهِ فَلَمَّا نَزَلَ إنْ لَمْ يُقِرُّوا بِوُجُوبِهِ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وَلِهَذَا لَمْ يَجِئْ ذِكْرُ الْحَجِّ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ كَحَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَحَدِيثِ الرَّجُلِ النَّجْدِيِّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَغَيْرُهُمَا وَإِنَّمَا جَاءَ ذِكْرُ الْحَجِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَجِبْرِيلَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجَّ آخِرُ مَا فُرِضَ مِنْ الْخَمْسِ فَكَانَ قَبْلَ فَرْضِهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فَلَمَّا فُرِضَ أَدْخَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِيمَانِ إذَا أُفْرِدَ وَأَدْخَلَهُ فِي الْإِسْلَامِ إذَا قُرِنَ بِالْإِيمَانِ وَإِذَا أُفْرِدَ وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَتَى فُرِضَ الْحَجُّ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: مَنْ آمَنَ وَمَاتَ قَبْلَ وُجُوبِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ مَاتَ مُؤْمِنًا فَصَحِيحٌ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْإِيمَانِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَعْدُ فَهَذَا مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ فَإِنَّهُ تَزُولُ بِهِ شُبْهَةٌ حَصَلَتْ لِلطَّائِفَتَيْنِ. فَإِذَا قِيلَ: الْأَعْمَالُ الْوَاجِبَةُ مِنْ الْإِيمَانِ. فَالْإِيمَانُ الْوَاجِبُ مُتَنَوِّعٌ لَيْسَ شَيْئًا وَاحِدًا فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: جَمِيعُ الْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ وَاجِبُهَا وَمُسْتَحَبُّهَا مِنْ الْإِيمَانِ أَيْ مِنْ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ بِالمُسْتَحَبّاتِ. لَيْسَتْ مِنْ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ