فَأَمَّا الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: فَهِيَ تَتَنَاوَلُهُ قَطْعًا. كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُهَا وَسِيَاقُهَا وَمَعْنَاهَا وَأَقْوَالُ السَّلَفِ. وَأَمَّا الْمَعْنَى الثَّانِي: فَلَيْسَ مُرَادًا دُونَ الْأَوَّلِ قَطْعًا. وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مُرَادٌ مَعَ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا يَهْدِيهِ اللَّهُ إلَيْهِ مِنْ الطَّاعَةِ: هُوَ نِعْمَةٌ فِي حَقِّهِ مِنْ اللَّهِ أَصَابَتْهُ. وَمَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ: هُوَ سَيِّئَةٌ أَصَابَتْهُ. وَنَفْسُهُ الَّتِي عَمِلَتْ السَّيِّئَةَ. وَإِذَا كَانَ الْجَزَاءُ مِنْ نَفْسِهِ فَالْعَمَلُ الَّذِي أَوْجَبَ الْجَزَاءَ: أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ نَفْسِهِ. فَلَا مُنَافَاةَ أَنْ تَكُونَ سَيِّئَةُ الْعَمَلِ وَسَيِّئَةُ الْجَزَاءِ مِنْ نَفْسِهِ. مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ مُقَدَّرٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ " فَمِنْ نَفْسِك وَأَنَا قَدَّرْتهَا عَلَيْك ".
فَصْلٌ:
وَالْمَعْصِيَةُ الثَّانِيَةُ: قَدْ تَكُونُ عُقُوبَةَ الْأُولَى. فَتَكُونُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْجَزَاءِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ سَيِّئَاتِ الْعَمَلِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute