للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِعَدُوَّيْنِ وَهُوَ مُضْطَرٌّ إلَى الِابْتِدَاءِ بِأَحَدِهِمَا فَيَبْتَدِئُ بِمَالِهِ أَنْفَعَ: كَالْإِمَامِ فِي تَوْلِيَةِ مَنْ يُوَلِّيهِ مِنْ وُلَاةِ الْحَرْبِ وَالْحُكْمِ وَالْمَالِ: يَخْتَارُ الْأَصْلَحَ فَالْأَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ " فَمَنْ وَلَّى رَجُلًا عَلَى عِصَابَةٍ وَهُوَ يَجِدُ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَخَانَ رَسُولَهُ وَخَانَ الْمُؤْمِنِينَ ". وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ أَيَّهمَا شَاءَ: كَالْمُكَفِّرِ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْعِتْقِ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْخِصَالِ أَفْضَلَ فَيَجُوزُ لَهُ فِعْلُ الْمَفْضُولِ. وَكَذَلِكَ لَابِسُ الْخُفِّ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ الْمَسْحِ وَبَيْنَ الْغَسْلِ؛ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ. وَكَذَلِكَ الْمُصَلِّي إذَا خُيِّرَ بَيْنَ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَآخِرِهِ؛ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ. وَكَذَلِكَ تَخْيِيرُ الْآكِلِ وَالشَّارِبِ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ الْمُبَاحَةِ؛ وَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاجِبًا عِنْدَ الضَّرُورَةِ حَتَّى إذَا تَعَيَّنَ الْمَأْكُولُ وَجَبَ أَكْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَيْتَةً فَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَكْلُهَا فِي الْمَشْهُورِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَفِي " كَفَّارَةِ الْمَجَامِعِ فِي رَمَضَانَ " هَلْ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ؟ أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ؟ فِيهَا قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ؛ لَكِنَّ التَّرْتِيبَ فِيهَا ثَبَتَ بِحِكَايَةِ الْمَجَامِعِ؛ لَا بِلَفْظِ عَامٍّ؛ فَلِهَذَا أَقْدَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ أَلْزَمَ بَعْضَ الْمُلُوكِ بِالصَّوْمِ عَيْنًا وَأَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهَا لَيْسَ شَرْعًا عَامًّا؛ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَقَدَّمَ الْعِتْقَ فِي حَقِّ مَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ أَصْعَبَ مِنْ الصِّيَامِ: كَالْأَعْرَابِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ الْعِتْقُ أَسْهَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ.