مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ. فَمَنْ رَأَى أَنْ تُقْبَلَ تَوْبَةُ هَذَا التَّائِبِ وَيُجَالَسُ فِي الْحَالِ قَبْلَ اخْتِبَارِهِ: فَقَدْ أَخَذَ بِقَوْلِ سَائِغٍ. وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يُؤَخَّرُ مُدَّةً حَتَّى يَعْمَلَ صَالِحًا وَيُظْهِرُ صِدْقَ تَوْبَتِهِ فَقَدْ أَخَذَ بِقَوْلِ سَائِغٍ. وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ:
نَهَى اللَّهُ عَنْ إشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} وَكَذَلِكَ أَمَرَ بِسَتْرِ الْفَوَاحِشِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ اُبْتُلِيَ بِشَيْءِ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ الْكِتَابَ} . وَقَالَ: {كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إلَّا الْمُجَاهِرِينَ؛ وَالْمُجَاهِرَةَ أَنْ يَبِيتَ الرَّجُلُ عَلَى الذَّنْبِ قَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَيُصْبِحُ يَتَحَدَّثُ بِهِ} فَمَا دَامَ الذَّنْبُ مَسْتُورًا فَمُصِيبَتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ خَاصَّةً فَإِذَا أَظْهَرَ وَلَمْ يُنْكَرْ كَانَ ضَرَرُهُ عَامًّا فَكَيْفَ إذَا كَانَ فِي ظُهُورِهِ تَحْرِيكُ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَلِهَذَا أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ أَشْكَالَ الشِّعْرِ الْغَزَلِيِّ الرَّقِيقِ؛ لِئَلَّا تَتَحَرَّكُ النُّفُوسُ إلَى الْفَوَاحِشِ فَلِهَذَا أَمَرَ مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْعِشْقِ أَنْ يَعِفَّ وَيَكْتُمَ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ: {إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute