تَقُومُ بِذَاتِهِ حَتَّى يُقَالَ: هَلْ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ أَمْ لَا؟ وَكُلُّ قَوْلٍ سِوَى قَوْلِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ فَهُوَ خَطَأٌ مُتَنَاقِضٌ وَأَيُّ شَيْءٍ قَالَهُ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَانَ خَطَأً لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ فِيهِ بِجَوَابِ صَحِيحٍ. فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ بَلْ لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ إلَّا سَلْبِيَّةٌ أَوْ إضَافِيَّةٌ - كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الْجَهْمِيَّة الْمَحْضَةُ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمَةِ أَتْبَاعِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ - فَهَذَا إذَا قِيلَ لَهُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: نِسْبَتُهُ الَّتِي هِيَ الْخَلْقُ إلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَمْ إلَى بَعُوضَةٍ؟ أَمْ أَيُّمَا أَفْضَلُ: نَفْيُ الْجَهْلِ بِكُلِّ شَيْءٍ عَنْهُ وَالْعَجْزُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ أَمْ نَفْيُ الْجَهْلِ بِالْكُلِّيَّاتِ؟ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُجِيبَ بِجَوَابِ صَحِيحٍ عَلَى أَصْلِهِ الْفَاسِدِ. فَإِنَّهُ إنْ قَالَ: خَلْقُ السَّمَوَاتِ مُمَاثِلُ خَلْقِ الْبَعُوضَةِ كَانَ هَذَا مُكَابَرَةً لِلْعَقْلِ وَالشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} وَإِنْ قَالَ: بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ كَمَا فِي الْقُرْآنِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ عِنْدَك أَمْرَانِ وُجُودِيَّانِ يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ إذْ الْخَلْقُ عَلَى قَوْلِك لَا يَزِيدُ عَلَى الْمَخْلُوقِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْعَدَمُ الْمَحْضُ فَكَيْفَ يُعْقَلُ فِي الْمَعْدُومِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ صَاحِبِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وُجُودٌ يَحْصُلُ فِيهِ التَّفَاضُلُ؟ وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: نَفْيُ الْجَهْلِ وَالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ مِثْلُ نَفْيِ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ كَانَ هَذَا مُكَابَرَةً وَإِنْ قَالَ: بَلْ نَفْيُ الْجَهْلِ الْعَامِّ أَكْمَلُ مِنْ نَفْيِ الْجَهْلِ الْخَاصِّ قِيلَ لَهُ: إذَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute