للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِتَحْرِيمِ هَذَا النَّبِيذِ الْمُسْكِرِ تَحْرِيمًا عَامًّا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُسْكِرٌ وَأَنَّهُ خَمْرٌ. وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ كُلَّ مُسْكِرٍ. وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا فَمَا حَرَّمَهُ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَأَنَّهُ حَرَّمَهُ تَحْرِيمًا عَامًّا لَمْ يُبِحْهُ لِلتَّدَاوِي أَوْ لِلتَّلَذُّذِ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ تَخْصِيصَ الِاسْتِدْلَالِ بِمُقَدِّمَتَيْنِ بَاطِلٌ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي حَدِّ الْقِيَاسِ الَّذِي يَشْمَلُ الْبُرْهَانِيَّ وَالْخَطَابِيّ وَالْجَدَلِيَّ وَالشِّعْرِيَّ والسوفسطائي: إنَّهُ قَوْلٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ أَقْوَالٍ أَوْ عِبَارَةٌ عَمَّا أُلِّفَ مِنْ أَقْوَالٍ إذَا سَلِمَتْ لَزِمَ عَنْهَا لِذَاتِهَا قَوْلٌ آخَرُ. قَالُوا: وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا: مِنْ أَقْوَالٍ عَنْ الْقَضِيَّةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي تَسْتَلْزِمُ لِذَاتِهَا صِدْقَ عَكْسِهَا وَعَكْسِ نَقِيضِهَا وَكَذِبَ نَقِضْهَا وَلَيْسَتْ قِيَاسًا. قَالُوا: وَلَمْ نَقُلْ مُؤَلَّفٌ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ لِأَنَّا لَا يُمْكِنُنَا تَعْرِيفُ الْمُقَدِّمَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ مُقَدِّمَةٌ إلَّا بِكَوْنِهَا جُزْءَ الْقِيَاسِ فَلَوْ أَخَذْنَاهَا فِي حَدِّ الْقِيَاسِ كَانَ دَوْرًا. وَالْقَضِيَّةُ الْخَبَرِيَّةُ إذَا كَانَتْ جُزْءَ الْقِيَاسِ سَمَّوْهَا مُقَدِّمَةً وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَفَادَةً بِالْقِيَاسِ سَمَّوْهَا نَتِيجَةً وَإِنْ كَانَتْ مُجَرَّدَةً عَنْ ذَلِكَ سَمَّوْهَا قَضِيَّةً وَتُسَمَّى أَيْضًا قَضِيَّةٌ مَعَ تَسْمِيَتِهَا نَتِيجَةً وَمُقَدِّمَةً. وَهِيَ الْخَبَرُ وَلَيْسَتْ هِيَ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ فِي اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ. بَلْ أَعَمُّ مِنْهُ. فَإِنَّ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً اسْمِيَّةً وَالْقَضِيَّةُ تَكُونُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً وَفِعْلِيَّةً كَمَا لَوْ قِيلَ قَدْ كَذَبَ زَيْدٌ وَمَنْ كَذَبَ اسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْقَوْلِ - فِي قَوْلِهِمْ الْقِيَاسُ قَوْلٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ أَقْوَالٍ - الْقَضِيَّةُ الَّتِي هِيَ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ خَبَرِيَّةٌ لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ الْمُفْرَدَ الَّذِي هُوَ