للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَدُّ فَإِنَّ الْقِيَاسَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثَةِ حُدُودٍ: أَصْغَرُ وَأَوْسَطُ وَأَكْبَرُ كَمَا إذَا قِيلَ: النَّبِيذُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مُسْكِرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ فَالنَّبِيذُ وَالْمُسْكِرُ وَالْحَرَامُ كُلٌّ مِنْهَا مُفْرَدٌ وَهِيَ الْحُدُودُ فِي الْقِيَاسِ. فَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِالْقَوْلِ هَذَا بَلْ مُرَادُهُمْ أَنَّ كُلَّ قَضِيَّةٍ قَوْلٌ؛ كَمَا فَسَّرُوا مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالُوا: الْقِيَاسُ قَوْلٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ أَقْوَالٍ؛ إذَا سَلِمَتْ لَزِمَ عَنْهَا لِذَاتِهَا قَوْلٌ آخَرُ. وَاللَّازِمُ إنَّمَا هِيَ النَّتِيجَةُ وَهِيَ قَضِيَّةٌ وَخَبَرٌ وَجُمْلَةٌ تَامَّةٌ وَلَيْسَتْ مُفْرَدًا. وَلِذَلِكَ قَالُوا: الْقِيَاسُ قَوْلٌ مُؤَلَّفٌ؛ فَسَمَّوْا مَجْمُوعَ الْقَضِيَّتَيْنِ قَوْلًا. وَإِذَا كَانُوا قَدْ جَعَلُوا الْقِيَاسَ مُؤَلَّفًا مِنْ أَقْوَالٍ وَهِيَ الْقَضَايَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ قَوْلَانِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْجَمْعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَنَاوِلًا لِلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا كَقَوْلِهِ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الثَّلَاثَةُ فَصَاعِدًا وَهُوَ الْأَصْلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَلَكِنْ قَدْ يُرَادُ بِهِ جِنْسُ الْعَدَدِ فَيَتَنَاوَلُ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا وَلَا يَكُونُ الْجَمْعُ مُخْتَصًّا بِاثْنَيْنِ. فَإِذَا قَالُوا: هُوَ مُؤَلَّفٌ مِنْ أَقْوَالٍ إنْ أَرَادُوا جِنْسَ الْعَدَدِ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَلَّفًا مِنْ ثَلَاثِ مُقَدِّمَاتٍ وَأَرْبَعِ مُقَدِّمَاتٍ فَلَا يَخْتَصُّ بِالِاثْنَيْنِ. وَإِنْ أَرَادُوا الْجَمْعَ الْحَقِيقِيَّ. لَمْ يَكُنْ مُؤَلَّفًا إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ فَصَاعِدًا وَهُمْ قَطْعًا مَا أَرَادُوا هَذَا. فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْأَوَّلُ. فَإِذَا قِيلَ: هُمْ يَلْتَزِمُونَ ذَلِكَ. وَيَقُولُونَ: نَحْنُ نَقُولُ أَقَلُّ مَا يَكُونُ الْقِيَاسُ