فَإِذَا كَانَ النَّظَرُ فِي دَلِيلٍ هَادٍ - كَالْقُرْآنِ - وَسَلِمَ مِنْ مُعَارَضَاتِ الشَّيْطَانِ. تَضَمَّنَ ذَلِكَ النَّظَرُ الْعِلْمَ وَالْهُدَى. وَلِهَذَا أُمِرَ الْعَبْدُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ. وَإِذَا كَانَ النَّظَرُ فِي دَلِيلٍ مُضِلٍّ وَالنَّاظِرُ يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ؛ بِأَنْ تَكُونَ مُقَدِّمَتَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا مُتَضَمِّنَةً لِلْبَاطِلِ أَوْ تَكُونَ الْمُقَدِّمَاتُ صَحِيحَةً لَكِنَّ التَّأْلِيفَ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمِ: فَإِنَّهُ يَصِيرُ فِي الْقَلْبِ بِذَلِكَ اعْتِقَادٌ فَاسِدٌ وَهُوَ غَالِبُ شُبُهَاتِ أَهْلِ الْبَاطِلِ الْمُخَالِفِينَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَنَحْوِهِمْ. فَإِذَا كَانَ النَّاظِرُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَنْظُورٍ فِيهِ. وَالنَّظَرُ فِي نَفْسِ الْمُتَصَوَّرِ الْمَطْلُوبِ حُكْمُهُ لَا يُفِيدُ عِلْمًا؛ بَلْ رُبَّمَا خَطَرَ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ النَّظَرِ أَنْوَاعٌ مِنْ الشُّبُهَاتِ؛ يَحْسَبُهَا أَدِلَّةً لِفَرْطِ تَعَطُّشِ الْقَلْبِ إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَتَصْدِيقِ ذَلِكَ التَّصَوُّرِ. وَأَمَّا النَّظَرُ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ: فَهُوَ مَا كَانَ فِي دَلِيلٍ هَادٍ. وَالدَّلِيلُ الْهَادِي - عَلَى الْعُمُومِ وَالْإِطْلَاقِ - هُوَ " كِتَابُ اللَّهِ " وَ " سُنَّةُ نَبِيِّهِ " فَإِنَّ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ مِنْ نَوْعَيْ النَّظَرِ: هُوَ مَا يُفِيدُ وَيَنْفَعُ وَيُحَصِّلُ الْهُدَى وَهُوَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ. فَإِذَا أَرَادَ النَّظَرَ وَالِاعْتِبَارَ فِي الْأَدِلَّةِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَطْلُوبٍ فَذَلِكَ النَّظَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَتَدَبُّرُهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute