وَكَذَلِكَ مِنْ جَهْلِهِمْ قَوْلُهُمْ إنَّ الرَّافِضِيَّ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَتَهُ؛ وَيَرْوُونَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {سَبُّ أَصْحَابِي ذَنْبٌ لَا يُغْفَرُ} وَيَقُولُونَ: إنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ فِيهِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ؛ وَهَذَا بَاطِلٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَدِيثَ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وَبِهَذَا احْتَجَّ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا يُغْفَرُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ يَتُوبُوا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} وَهَذَا لِمَنْ تَابَ فَكُلُّ مَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ؛ وَلَوْ كَانَ ذَنْبُهُ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ وَقَالَ: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَتُبْ.
الثَّانِي: أَنَّ الْحَدِيثَ لَوْ كَانَ حَقًّا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا ذَنْبَ أَعْظَمَ مِنْ الشِّرْكِ وَالْمُشْرِكُ إذَا تَابَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ شِرْكَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} وَفِي الْأُخْرَى {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ إذَا سَبَّ الْأَنْبِيَاءَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ كَانَ مُسْتَحِلًّا لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الرَّافِضِيَّ هُوَ يَسْتَحِلُّ سَبَّ الصَّحَابَةِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ بَدَّلَ مَا كَانَ مِنْهُ بَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ بِالْحَسَنَاتِ وَكَانَ حَقُّ الْآدَمِيِّ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لِحَقِّ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِلٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute