وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَكْرَهُونَ تَغْيِيرَ شَعَائِرِ الْعَرَبِ حَتَّى فِي الْمُعَامَلَاتِ وَهُوَ " التَّكَلُّم بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ " إلَّا لِحَاجَةِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَالِك وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد بَلْ قَالَ مَالِك: مَنْ تَكَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أُخْرِجَ مِنْهُ. مَعَ أَنَّ سَائِرَ الْأَلْسُنِ يَجُوزُ النُّطْقُ بِهَا لِأَصْحَابِهَا؛ وَلَكِنْ سَوَّغُوهَا لِلْحَاجَةِ وَكَرِهُوهَا لِغَيْرِ الْحَاجَةِ وَلِحِفْظِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ كِتَابَهُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَبَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ الْعَرَبِيَّ وَجَعَلَ الْأُمَّةَ الْعَرَبِيَّةَ خَيْرَ الْأُمَمِ فَصَارَ حِفْظُ شِعَارِهِمْ مِنْ تَمَامِ حِفْظِ الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ بِمَنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ - مُفْرَدِهِ وَمَنْظُومِهِ - فَيُغَيِّرُهُ وَيُبَدِّلُهُ وَيُخْرِجُهُ عَنْ قَانُونِهِ وَيُكَلِّفُ الِانْتِقَالَ عَنْهُ إنَّمَا هَذَا نَظِيرُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الضَّلَالِ مِنْ الشُّيُوخِ الْجُهَّالِ حَيْثُ يَصْمُدُونَ إلَى الرَّجُلِ الْعَاقِلِ فَيُؤَلِّهُونَهُ ويخنثونه؛ فَإِنَّهُمْ ضَادُّوا الرَّسُولَ إذْ بُعِثَ بِإِصْلَاحِ الْعُقُولِ وَالْأَدْيَانِ وَتَكْمِيلِ نَوْعِ الْإِنْسَانِ وَحَرَّمَ مَا يُغَيِّرُ الْعَقْلَ مِنْ جَمِيعِ الْأَلْوَانِ. فَإِذَا جَاءَ هَؤُلَاءِ إلَى صَحِيحِ الْعَقْلِ فَأَفْسَدُوا عَقْلَهُ وَفَهْمَهُ وَقَدْ ضَادُّوا اللَّهَ وراغموا حُكْمَهُ. وَاَلَّذِينَ يُبَدِّلُونَ اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ وَيُفْسِدُونَهُ لَهُمْ مِنْ هَذَا الذَّمِّ وَالْعِقَابِ بِقَدْرِ مَا يَفْتَحُونَهُ؛ فَإِنَّ صَلَاحَ الْعَقْلِ وَاللِّسَانِ مِمَّا يُؤْمَرُ بِهِ الْإِنْسَانُ. وَيُعِينُ ذَلِكَ عَلَى تَمَامِ الْإِيمَانِ وَضِدُّ ذَلِكَ يُوجِبُ الشِّقَاقَ وَالضَّلَالَ وَالْخُسْرَانَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَمَّنْ يَتَحَدَّثُ بَيْنَ النَّاسِ بِكَلَامِ وَحِكَايَاتٍ مُفْتَعَلَةٍ كُلُّهَا كَذِبٌ: هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute