للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْوَاحِدُ مِنَّا قَدْ يَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَيَذْكُرُ لَهُ الْآيَةَ أَوْ الْحَدِيثَ لِيُبَيِّنَ لَهُ دَلَالَةَ النَّصِّ عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ حَافِظٌ لِذَلِكَ لَكِنْ يُتْلَى عَلَيْهِ ذَلِكَ النَّصُّ لِيَتَبَيَّنَ وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ. فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْبَدَلَ لَمَّا أَخَّرَ نُزُولَهُ بِخِلَافِ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ لَمْ يُنْسَخْ فَإِنَّ هَذَا لَا بَدَلَ لَهُ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ سَيُنْسَخُ فَإِنَّهُ مَا دَامَ مُحْكَمًا لَمْ يَكُنْ بَدَلُهُ خَيْرًا مِنْهُ. وَكَذَلِكَ الْبَدَلُ عَنْ الْمَنْسُوخِ يَكُونُ خَيْرًا مِنْهُ. وَأَكْثَرُ السَّلَفِ أَطْلَقُوا لَفْظَ " خَيْرٍ مِنْهَا " كَمَا فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَسْتَشْكِلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَفِي تَفْسِيرِ الْوَالِبِيَّ: خَيْرٌ لَكُمْ فِي الْمَنْفَعَةِ وَأَرْفُقُ بِكُمْ. وَعَنْ قتادة {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} آيَةٌ فِيهَا تَخْفِيفٌ فِيهَا رُخْصَةٌ فِيهَا أَمْرٌ فِيهَا نَهْيٌ. وَهَذَانِ لَمْ يَسْتَشْكِلَا كَوْنَهَا خَيْرًا مِنْ الْأُولَى بَلْ بَيَّنَا وَجْهَ الْفَضِيلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَمْرِيَّ يَتَفَاضَلُ بِحَسَبِ الْمَطْلُوبِ فَإِذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ أَنْفَعَ لِلْمَأْمُورِ كَانَ طَلَبُهُ أَفْضَلَ كَمَا أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَهُ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَضَبِهِ. فَمَا قَالَاهُ تَقْرِيرٌ لِلْخَيْرِيَّةِ لَا نَفْيَ لَهَا. فَإِنْ قِيلَ: فَآيَةُ الْكُرْسِيِّ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا أَعْظَمُ آيَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ - وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ - فَقَدْ أَخَّرَ نُزُولَهَا وَلَمْ يَنْزِلْ قَبْلَهَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا وَلَا مِثْلُهَا. قِيلَ: عَنْ هَذَا أَجْوِبَةٌ: