فَيَحْكُمُ بِأَنَّ قَوْلَهُ هُوَ الصَّوَابُ. فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ يَلْزَمُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ اتِّبَاعُهُ؛ بِخِلَافِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؛ حَقٌّ وَهُدًى وَبَيَانٌ لَيْسَ فِيهِ خَطَأٌ قَطُّ وَلَا اخْتِلَافٌ وَلَا تَنَاقُضٌ قَالَ تَعَالَى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} وَعَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ مِنْ التَّظَالُمِ فَإِذَا تَعَدَّى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَنَعُوهُمْ الْعُدْوَانَ؛ وَهُمْ قَدْ أُلْزِمُوا بِمَنْعِ ظُلْمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ وَأَنْ يَكُونَ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ فِي بِلَادِهِمْ إذَا قَامَ بِالشُّرُوطِ الْمَشْرُوطَةِ عَلَيْهِمْ لَا يُلْزِمُهُ أَحَدٌ بِتَرْكِ دِينِهِ؛ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ دِينَهُ يُوجِبُ الْعَذَابَ فَكَيْفَ يَسُوغُ لِوُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يُمَكِّنُوا طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ اعْتِدَاءِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ؛ وَحُكْمِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بُقُولِهِ وَمَذْهَبِهِ هَذَا مِمَّا يُوجِبُ تَغَيُّرَ الدُّوَلِ وَانْتِقَاضِهَا؛ فَإِنَّهُ لَا صَلَاحَ لِلْعِبَادِ عَلَى مِثْلِ هَذَا. وَهَذَا إذَا كَانَ الْحُكَّامُ قَدْ حَكَمُوا فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا اجْتِهَادٌ وَنِزَاعٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ الَّذِي قَدْ حَكَمُوا بِهِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا هُوَ مَذْهَبُ أَئِمَّتِهِمْ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِمْ؛ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؛ وَلَا فِيهِ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ قَوْلُهُمْ يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ يَحِلُّ مَعَ هَذَا أَنْ يُلْزِمَ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute