التَّصْدِيقَ بِهِ أَصْلُ كُلِّ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ؛ فَإِنَّ كُلَّ حَرَكَةٍ فِي الْوُجُودِ إنَّمَا تَصْدُرُ عَنْ مَحَبَّةٍ: إمَّا عَنْ مَحَبَّةٍ مَحْمُودَةٍ أَوْ عَنْ مَحَبَّةٍ مَذْمُومَةٍ كَمَا قَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي " قَاعِدَةِ الْمَحَبَّةِ " مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكِبَارِ. فَجَمِيعُ الْأَعْمَالِ الْإِيمَانِيَّةِ الدِّينِيَّةِ لَا تَصْدُرُ إلَّا عَنْ الْمَحَبَّةِ الْمَحْمُودَةِ. وَأَصْلُ الْمَحَبَّةِ الْمَحْمُودَةِ هِيَ مَحَبَّةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إذْ الْعَمَلُ الصَّادِرُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَذْمُومَةٍ عِنْدَ اللَّهِ لَا يَكُونُ عَمَلًا صَالِحًا بَلْ جَمِيعُ الْأَعْمَالِ الْإِيمَانِيَّةِ الدِّينِيَّةِ لَا تَصْدُرُ إلَّا عَنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا فَأَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَشْرَكَ} وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ حَدِيثُ {الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ هُمْ أَوَّلُ مَنْ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ: الْقَارِئُ الْمُرَائِي وَالْمُجَاهِدُ الْمُرَائِي وَالْمُتَصَدِّقُ الْمُرَائِي} . بَلْ إخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ هُوَ الدِّينُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ سِوَاهُ وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ الْأَوَّلِينَ والآخرين مِنْ الرُّسُلِ وَأَنْزَلَ بِهِ جَمِيعَ الْكُتُبِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَهَذَا هُوَ خُلَاصَةُ الدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ وَهُوَ قُطْبُ الْقُرْآنِ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ رَحَاهُ. قَالَ تَعَالَى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} {إنَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} وَالسُّورَةُ كُلُّهَا عَامَّتُهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى. كَقَوْلِهِ: {قُلْ إنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} إلَى قَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute