مُلَابَسَتِهِ وَمُبَاشَرَتِهِ أَوْلَى وَهَذَا قَاطِعٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ. وَطَرْدُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ مُبَاشَرَتُهُ وَمُلَابَسَتُهُ حُرِّمَ مُخَالَطَتُهُ وَمُمَازَجَتُهُ وَلَا يَنْعَكِسُ. فَكُلُّ نَجِسٍ مُحَرَّمٌ الْأَكْلُ وَلَيْسَ كُلُّ مُحَرَّمٍ الْأَكْلُ نَجِسًا. وَهَذَا فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْفُقَهَاءَ كُلَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ وَأَنَّ النَّجَاسَاتِ مُحْصَاةٌ مُسْتَقْصَاةٌ وَمَا خَرَجَ عَنْ الضَّبْطِ وَالْحَصْرِ فَهُوَ طَاهِرٌ كَمَا يَقُولُونَهُ فِيمَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَيُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ وَشِبْهُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ غَايَةُ الْمُتَقَابِلَاتِ. تَجِدُ أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ فِيهَا مَحْصُورًا مَضْبُوطًا وَالْجَانِبَ الْآخَرَ مُطْلَقٌ مُرْسَلٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْهَادِي لِلصَّوَابِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ:
الْقَوْلُ فِي طَهَارَةِ الْأَرْوَاثِ وَالْأَبْوَالِ مِنْ الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ الَّتِي لَمْ تَحْرُمْ وَعَلَى ذَلِكَ عِدَّةُ أَدِلَّةٍ.
الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَصْلَ الْجَامِعَ طَهَارَةُ جَمِيعِ الْأَعْيَانِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ نَجَاسَتُهَا فَكُلُّ مَا لَمْ يُبَيَّنْ لَنَا أَنَّهُ نَجِسٌ فَهُوَ طَاهِرٌ وَهَذِهِ الْأَعْيَانُ لَمْ يُبَيَّنْ لَنَا نَجَاسَتُهَا فَهِيَ طَاهِرَةٌ. أَمَّا الرُّكْنُ الْأَوَّلُ مِنْ الدَّلِيلِ فَقَدْ ثَبَتَ بِالْبَرَاهِينِ الْبَاهِرَةِ وَالْحُجَجِ الْقَاهِرَةِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَنَقُولُ: إنَّ الْمَنْفِيَّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute