للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَسْبَابِ الَّتِي هِيَ عِبَادَةٌ وَطَاعَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا؛ فَإِنْ غَلِطَ هَذَا فِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ الْمَأْمُورِ بِهَا الَّتِي هِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} كَغَلَطِ الْأَوَّلِ فِي تَرْكِ التَّوَكُّلِ الْمَأْمُورِ بِهِ الَّذِي هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} لَكِنْ يُقَالُ: مَنْ كَانَ تَوَكُّلُهُ عَلَى اللَّهِ وَدُعَاؤُهُ لَهُ هُوَ فِي حُصُولِ مُبَاحَاتٍ فَهُوَ مِنْ الْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي حُصُولِ مُسْتَحَبَّاتٍ وَوَاجِبَاتٍ فَهُوَ مِنْ الْخَاصَّةِ كَمَا أَنَّ مَنْ دَعَاهُ وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ فِي حُصُولِ مُحَرَّمَاتٍ فَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ التَّوَكُّلِ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ بَلْ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا الْمَقَامُ لِلْخَاصَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} إلَى قَوْلِهِ {قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ (حَسْبِي اللَّهُ فِي جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ تَارَةً وَفِي دَفْعِ الْمَضَرَّةِ أُخْرَى. (فَالْأُولَى فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} الْآيَةَ. وَ (الثَّانِيَةُ فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ