للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الدِّينِ وَإِلَّا فَقَدَ يُفْسِدُ تَوَرُّعُهُ الْفَاسِدَ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ كَمَا فَعَلَهُ الْكُفَّارُ وَأَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَغَيْرِهِمْ. الثَّالِثَةُ: جِهَةُ الْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ. هَذَا أَصْعَبُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ؛ فَإِنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ جِهَةُ فَسَادِهِ يَقْتَضِي تَرْكَهُ فَيَلْحَظُهُ الْمُتَوَرِّعُ؛ وَلَا لِحَظِّ مَا يُعَارِضُهُ مِنْ الصَّلَاحِ الرَّاجِحِ؛ وَبِالْعَكْسِ فَهَذَا هَذَا. وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ جَعَلَ الْوَرَعَ التَّرْكَ فَقَطْ؛ وَأَدْخَلَ فِي هَذَا الْوَرَعِ أَفْعَالَ قَوْمٍ ذَوِي مَقَاصِدَ صَالِحَةٍ بِلَا بَصِيرَةٍ مِنْ دِينِهِمْ وَأَعْرَضَ عَمَّا فَوَّتُوهُ بِوَرَعِهِمْ مِنْ الْحَسَنَاتِ الرَّاجِحَةِ فَإِنَّ الَّذِي فَاتَهُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ مِمَّا أَدْرَكَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَعِيبُ أَقْوَامًا هُمْ إلَى النَّجَاةِ وَالسَّعَادَةِ أَقْرَبُ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَنْفَعَتُهَا لِهَذَا الضَّرْبِ وَأَمْثَالِهِ كَثِيرَةٌ؛ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا أَهْلُ الْوَرَعِ النَّاقِصِ أَوْ الْفَاسِدِ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الزُّهْدِ النَّاقِصِ أَوْ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الزُّهْدَ الْمَشْرُوعَ الَّذِي بِهِ أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هُوَ عَدَمُ الرَّغْبَةِ فِيمَا لَا يَنْفَعُ مِنْ فُضُولِ الْمُبَاحِ فَتَرْكُ فُضُولِ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ فِي الدِّينِ زُهْدٌ وَلَيْسَ بِوَرَعِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحِرْصَ وَالرَّغْبَةَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الدَّارِ الدُّنْيَا مِنْ الْمَالِ وَالسُّلْطَانِ مُضِرٌّ كَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي زَرِيبَةِ غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ} " قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَذَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِرْصَ