للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكَافِرُونَ إلَّا فِي غُرُورٍ} {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ} وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْآيَةِ أَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَكْلَؤُكُمْ بَدَلًا مِنْ اللَّهِ؟ مِنْ الَّذِي يَدْفَعُ الْآفَاتِ عَنْكُمْ الَّتِي تَخَافُونَهَا مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.

وَالرَّسُولُ هُوَ الْوَاسِطَةُ وَالسَّفِيرُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ الَّذِي يُبَلِّغُهُمْ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ وَوَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ وَتَحْلِيلَهُ وَتَحْرِيمَهُ: فَالْحَلَالُ مَا حَلَّلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا شَرَعَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الشَّرْعُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ إلْزَامُ النَّاسِ بِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ الْجِهَادُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ اتِّبَاعُهُ وَنَصْرُهُ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّرْعِ اللَّازِمِ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ " حُكْمُ الْحَاكِمِ " وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ؛ بَلْ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْعَالِمِ الْعَادِلِ يُلْزِمُ قَوْمًا مُعَيَّنِينَ تَحَاكَمُوا إلَيْهِ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ؛ لَا يَلْزَمُ جَمِيعَ الْخُلُقِ وَلَا يَجِبُ عَلَى عَالِمٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَلِّدَ حَاكِمًا لَا فِي قَلِيلٍ وَلَا فِي كَثِيرٍ إذَا كَانَ قَدْ عَرَفَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ؛ بَلْ لَا يَجِبُ عَلَى آحَادِ الْعَامَّةِ تَقْلِيدُ الْحَاكِمِ فِي شَيْءٍ؛ بَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِفْتَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا وَمَتَى تَرَكَ الْعَالِمُ مَا عَلِمَهُ مِنْ