للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنَا لَا يَسُوغُ لِي أَنْ أَذْكُرَ مَا يُزِيلُ بَرَاءَتَكُمْ وَلَا أُكْذِبُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّكُمْ تَنْقُصُونَ مِنْهَا إذَا تَبَرَّأَتْ بَلْ التَّبَرِّي مِنْهَا دَاعٍ وَبَاعِثٌ لِمَنْ لَهُ عَقْلٌ أَنْ يَنْظُرَ فِي سَبَبِ هَذِهِ الْبَرَاءَةِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الرَّسُولِ الَّذِي خُوطِبَ أَوَّلًا. بِقَوْلِهِ {قُلْ} . فَلْيَنْظُرْ الْعَاقِلُ فِي سَبَبِ بَرَاءَتِي مِنْ الشِّرْكِ وَمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَاخْتِيَارِي بِهِ عَدَاوَتَكُمْ وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَاكُمْ وَاحْتِمَالِي هَذِهِ الْمَكَارِهَ الْعَظِيمَةَ. بَعْدَ مَا كُنْتُمْ تُعَظِّمُونِي غَايَةَ التَّعْظِيمِ وَتَصِفُونِي بِالْأَمَانَةِ وَتُسَمُّونِي " الْأَمِينَ " وَتُفَضِّلُونِي عَلَى غَيْرِي وَنَسَبِي فِيكُمْ أَفْضَلُ نَسَبٍ وَتَعْرِفُونَ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيَّ مِنْ الْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَحُسْنِ الْمَقَاصِدِ وَطَلَبِ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَأَنِّي لَا أَخْتَارُ لِأَحَدِ مِنْكُمْ سُوءًا وَلَا أُرِيدُ أَنْ أُصِيبَ أَحَدًا بِشَرِّ. فَاخْتِيَارِي لِلْبَرَاءَةِ مِمَّا تَعْبُدُونَ وَإِظْهَارِي لِسَبِّهِمْ وَشَتْمِهِمْ. أَهْوَ سُدًى لَيْسَ لَهُ مُوجِبٌ أُوجِبُهُ؟ فَانْظُرُوا فِي ذَلِكَ. فَفِي السُّورَةِ دُعَاءٌ وَبَعْثٌ لِلْكُفَّارِ إلَى طَلَبِ الْحَقِّ وَمَعْرِفَتِهِ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ كَمَالِ الْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ. وَمَعَانِيهَا كَثِيرَةٌ شَرِيفَةٌ يَطُولُ وَصْفُهَا.

وَقَوْلُهُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} يَتَنَاوَلُ كُلَّ كَافِرٍ. فَهُوَ لَا يَعْبُدُ مَا يَعْبُدُهُ أَحَدٌ مِنْ الْكُفَّارِ وَلَا مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ