للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْإِحْسَانِ إلَى الْحُجَّاجِ بِالسِّقَايَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَأَنْ أُرَابِطَ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْد الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. وَلِهَذَا كَانَ الرِّبَاطُ فِي الثُّغُورِ أَفْضَلَ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْعَمَلُ بِالرُّمْحِ وَالْقَوْسِ فِي الثُّغُورِ أَفْضَلَ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ. وَأَمَّا فِي الْأَمْصَارِ الْبَعِيدَةِ مِنْ الْعَدُوِّ فَهُوَ نَظِيرُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {إنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ الدَّرَجَةِ إلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ} . وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ كُلٌّ مِنْهَا لَهُ مَحَلٌّ يَلِيقُ بِهِ هُوَ أَفْضَلُ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ فَالسَّيْفُ عِنْدَ مُوَاصَلَةِ الْعَدُوِّ وَالطَّعْنُ عِنْدَ مُقَارَبَتِهِ وَالرَّمْيُ عِنْدَ بُعْدِهِ أَوْ عِنْدَ الْحَائِلِ كَالنَّهْرِ وَالْحِصْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَكُلَّمَا كَانَ أَنْكَى فِي الْعَدُوِّ وَأَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ أَفْضَلُ. وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْعَدُوِّ وَبِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُجَاهِدِينَ فِي الْعَدُوِّ. وَمِنْهُ مَا يَكُونُ الرَّمْيُ فِيهِ أَنْفَعَ وَمِنْهُ مَا يَكُونُ الطَّعْنُ فِيهِ أَنْفَعَ. وَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُهُ الْمُقَاتِلُونَ.