للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيَجْعَلُ مَا هُوَ ظِهَارٌ طَلَاقًا: فَيَكْثُرُ بِذَلِكَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الَّذِي يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيَحْتَاجُونَ إمَّا إلَى دَوَامِ الْمَكْرُوه؛ وَإِمَّا إلَى زَوَالِهِ بِمَا هُوَ أَكْرَهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهُ وَهُوَ " نِكَاحُ التَّحْلِيلِ ". وَأَمَّا الطَّلَاقُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ إذَا أَرَادَ طَلَاقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا قَدْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا ثُمَّ يَدَعُهَا تَتَرَبَّصُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا غَرَضٌ:؟ سَرَّحَهَا بِإِحْسَانِ. ثُمَّ إنْ بَدَا لَهُ بَعْدَ هَذَا إرْجَاعُهَا يَتَزَوَّجُهَا بِعَقْدِ جَدِيدٍ ثُمَّ إذَا أَرَادَ ارْتِجَاعَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلَّقَهَا فَهَذَا طَلَاقُ السُّنَّةِ الْمَشْرُوعِ. وَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا طَلَاقَ السُّنَّةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ نِكَاحِ التَّحْلِيلِ وَغَيْرِهِ؛ بَلْ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ لَهُ فِي كُلِّ طَلْقَةٍ رَجْعَةٌ أَوْ عَقْدٌ جَدِيدٌ: فَهُنَا قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلَا يَجُوزُ عَوْدُهَا إلَيْهِ بِنِكَاحِ تَحْلِيلٍ أَصْلًا؛ بَلْ قَدْ {لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ} وَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ وَغَيْرُهُمْ فَلَا يُعْرَفُ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَحَدًا مِنْ خُلَفَائِهِ أَوْ أَصْحَابِهِ أَعَادَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا إلَى زَوْجِهَا بَعْدَ نِكَاحِ تَحْلِيلٍ أَبَدًا وَلَا كَانَ نِكَاحُ التَّحْلِيلِ ظَاهِرًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ كَانَ مَنْ يَفْعَلُهُ سِرًّا وَقَدْ لَا تَعْرِفُ الْمَرْأَةُ وَلَا وَلِيُّهَا وَقَدْ {لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ} وَفِي الرِّبَا قَالَ: {لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ} فَلَعَنَ الْكَاتِبَ وَالشُّهُودَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشْهِدُونَ عَلَى دِينِ الرِّبَا وَلَمْ يَكُونُوا يُشْهِدُونَ عَلَى نِكَاحِ التَّحْلِيلِ.