أَصَحُّ مِنْ مُسْلِمٍ وَمَنْ رَجَّحَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ رَجَّحَهُ بِجَمْعِهِ أَلْفَاظَ أَحَادِيثَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْسَرُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ جَمْعَ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا مُسْلِمٌ أَوْ الرِّجَالَ الَّذِينَ انْفَرَدَ بِهِمْ أَصَحُّ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الْبُخَارِيُّ وَمِنْ الرِّجَالِ الَّذِينَ انْفَرَدَ بِهِمْ؛ فَهَذَا غَلَطٌ لَا يَشُكُّ فِيهِ عَالِمٌ كَمَا لَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَعْلَمُ مِنْ مُسْلِمٍ بِالْحَدِيثِ وَالْعِلَلِ وَالتَّارِيخِ وَأَنَّهُ أَفْقَهُ مِنْهُ؛ إذْ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد أَفْقَهُ أَهْلِ الصَّحِيحِ وَالسُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَّفِقُ لِبَعْضِ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَعْضِ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فَهَذَا قَلِيلٌ وَالْغَالِبُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْقُرْآنِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. وَإِنَّمَا كَانَ هَذَانِ الْكِتَابَانِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ جَرَّدَ فِيهِمَا الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الْمُسْنَدَ وَلَمْ يَكُنْ الْقَصْدُ بِتَصْنِيفِهِمَا ذِكْرَ آثَارِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَا سَائِرِ الْحَدِيثِ مِنْ الْحَسَنِ وَالْمُرْسَلِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَا جُرِّدَ فِيهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْمُسْنَدُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ أَصَحُّ الْكُتُبِ؛ لِأَنَّهُ أَصَحُّ مَنْقُولًا عَنْ الْمَعْصُومِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ. وَأَمَّا الْمُوَطَّأُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ صُنِّفَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعُلَمَاءِ الْمُصَنِّفِينَ إذْ ذَاكَ فَإِنَّ النَّاسَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَكْتُبُونَ الْقُرْآنَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَاهُمْ أَنْ يَكْتُبُوا عَنْهُ غَيْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute