للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي} . فَهِيَ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ؛ بَلْ مَوْضُوعَةٌ لَمْ يَرْوِ أَهْلُ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ وَالْمَسَانِيدِ مِنْهَا شَيْئًا. وَغَايَةُ مَا يُعْزَى مِثْلُ ذَلِكَ إلَى كِتَابِ الدارقطني وَهُوَ قَصَدَ بِهِ غَرَائِبَ السُّنَنِ؛ وَلِهَذَا يَرْوِي فِيهِ مِنْ الضَّعِيفِ وَالْمَوْضُوعِ مَا لَا يَرْوِيهِ غَيْرُهُ وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَزْوِ إلَيْهِ لَا يُبِيحُ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَتَبَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِيمَا يُرْوَى فِي ذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. بَلْ قَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنْ يُقَالَ: زُرْت قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَالِكٌ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا الْبَابِ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَعْلَمُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ بِذَلِكَ وَمَالِكٌ إمَامُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. فَلَوْ كَانَ فِي هَذَا سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا لَفْظُ " زِيَارَةِ قَبْرِهِ " لَمْ يَخْفَ ذَلِكَ عَلَى عُلَمَاءِ أَهْلِ مَدِينَتِهِ وَجِيرَانِ قَبْرِهِ - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي. وَلِهَذَا كَانَتْ السُّنَّةُ عِنْد الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إذَا سَلَّمَ الْعَبْدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَصَاحِبَيْهِ: أَنْ يَدْعُوَ اللَّهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَلَا يَدْعُوَ مُسْتَقْبِلَ الْحُجْرَةِ وَالْحِكَايَةُ الَّتِي تُرْوَى فِي خِلَافِ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مَعَ الْمَنْصُورِ بَاطِلَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا. وَلَمْ أَعْلَمْ الْأَئِمَّةَ تَنَازَعُوا فِي أَنَّ السُّنَّةَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَقْتَ الدُّعَاءِ؛ لَا اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ النَّبَوِيِّ. وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا وَقْتَ السَّلَامِ عَلَيْهِ. فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ