للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَنْ رَجُلٍ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ مِنْ مُجَامَعَتِهَا؛ فَانْجَرَحَ مِنْ امْتِنَاعِهَا عَلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَكَانَتْ حَامِلًا أَنْ لَا يُجَامِعَهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ: فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ جَامَعَهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَنْظُرُ إلَى السَّبَبِ الْمُهَيِّجِ لِلْيَمِينِ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ:

إذَا جَامَعَهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَسَبَبِ الْيَمِينِ فَإِنْ كَانَ حَلَفَ لِسَبَبِ وَزَالَ السَّبَبُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ: فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ لِسَبَبِ: كَأَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْبَلَدَ لِظُلْمِ رَآهُ فِيهِ ثُمَّ يَزُولُ الظُّلْمُ. أَوْ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَّ يَزُولُ الْفِسْقُ وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَفِي حِنْثِهِ حِينَئِذٍ " قَوْلَانِ " فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَضَّ وَالْمَنْعَ فِي الْيَمِينِ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ: فَالْحَلِفُ كُلُّ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ النَّاهِي عَنْ الْفِعْلِ. وَمَنْ نَهَى عَنْ دُخُولِ بَلَدٍ أَوْ كَلَامٍ شُخِّصَ لِمَعْنَى ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى زَالَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ كَمَا إذَا امْتَنَعَ أَنْ يَبْدَأَ رَجُلًا بِالسَّلَامِ؛ لِكَوْنِهِ كَافِرًا فَأَسْلَمَ. وَأَنْ لَا يَدْخُلَ بَلَدًا؛ لِكَوْنِهِ دَارَ حَرْبٍ فَصَارَ دَارَ إسْلَامٍ. وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَتَ بِعِلَّةِ زَالَ بِزَوَالِهَا