للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَارِسِيِّ: إنَّ لَكُمْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَلَّا نَؤُمَّكُمْ فِي صَلَاتِكُمْ وَلَا نَنْكِحَ نِسَاءَكُمْ. وَالْأَوَّلُونَ يَقُولُونَ: إنَّمَا قَالَ سَلْمَانُ هَذَا تَقْدِيمًا مِنْهُ لِلْعَرَبِ عَلَى الْفُرْسِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِمَنْ هُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ: حَقُّك عَلَيَّ كَذَا وَلَيْسَ قَوْلُ سَلْمَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا يَلْزَمُ جَمِيعَ الْخَلْقِ اتِّبَاعُهُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ اتِّبَاعُ أَحْكَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَكِنْ مَنْ تَأَسَّى مِنْ الْفُرْسِ بِسَلْمَانَ فَلَهُ بِهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؛ فَإِنَّ سَلْمَانَ سَابِقُ الْفُرْسِ. وَكَذَلِكَ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ لَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا يَقُولُ بِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَلَكِنْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ذَكَرَتْ عَنْهُ رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ اعْتِبَارَ النَّسَبِ مُوَافَقَةً لِلشَّافِعِيِّ وَالشَّافِعِيُّ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا عَلَّقَ الْأَحْكَامَ بِالصِّفَاتِ الْمُؤَثِّرَةِ فِيمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَفِيمَا يُبْغِضُ فَأَمَرَ بِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَدَعَا إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَنَهَى عَمَّا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَحَسَمَ مَادَّتَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لَمْ يَخُصَّ الْعَرَبَ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ إذْ كَانَتْ دَعْوَتُهُ لِجَمِيعِ الْبَرِيَّةِ؛ لَكِنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِمْ بَلْ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ كَمَا ثَبَتَ