للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّمَدُ لَيْسَ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ؛ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَدْلٌ لَا يَظْلِمُ؛ وَعَدْلُهُ إحْسَانٌ إلَى خَلْقِهِ فَكُلُّ مَا خَلَقَهُ فَهُوَ إحْسَانٌ إلَى عِبَادِهِ وَلِهَذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْحَمْدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ أَنْوَاعًا مِنْ مَقْدُورَاتِهِ؛ ثُمَّ قَالَ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَنْعُمَ مِثْلُ إهْلَاكِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ لِلرُّسُلِ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَنِعْمَتِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَنَصْرِهِ لِلرُّسُلِ؛ وَتَحْقِيقِ مَا جَاءُوا بِهِ وَإِنَّ السَّعَادَةَ فِي مُتَابَعَتِهِمْ وَالشَّقَاوَةَ فِي مُخَالَفَتِهِمْ مَا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ. وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ وَكُلُّ مَخْلُوقٍ هُوَ مِنْ آلَائِهِ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّهُ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى تَوْحِيدِهِ وَقُدْرَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيمَانُ وَالْعِلْمُ وَذِكْرُ الرَّبِّ. وَهَذِهِ النِّعْمَةُ أَفْضَلُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا وَكُلُّ مَخْلُوقٍ يُعِينُ عَلَيْهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهَا هَذَا مَعَ مَا فِي الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْمَنَافِعِ لِعِبَادِهِ غَيْرِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا. فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} لِمَا يَذْكُرُ مَا يَذْكُرُهُ مِنْ الْآيَةِ وَقَالَ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} وَالْآلَاءُ: هِيَ النِّعَمُ؛ وَالنِّعَمُ كُلُّهَا مِنْ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَنُعُوتِهِ وَمَعَانِي أَسْمَائِهِ فَهِيَ آلَاءُ آيَاتٍ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ آلَائِهِ فَهُوَ مِنْ آيَاتِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ آيَاتِهِ فَهُوَ مِنْ آلَائِهِ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ التَّعْرِيفَ وَالْهِدَايَةَ وَالدَّلَالَةَ عَلَى الرَّبِّ تَعَالَى. وَقُدْرَتُهُ وَحِكْمَتُهُ وَرَحْمَتُهُ وَدِينُهُ. وَالْهُدَى أَفْضَلُ النِّعَمِ.