للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَرْقُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحَدَثِ وَبَعْدَهُ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَمَا شُرِعَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ: فَهَلْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ؟ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ إلَى أَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِلْجَمِيعِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ: جَازَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَا شَرَعَهُ قَبْلَ السَّلَامِ يَجِبُ فِعْلُهُ قَبْلَهُ وَمَا شَرَعَهُ بَعْدَهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا بَعْدَهُ وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ طَرْحِ الشَّكِّ قَالَ: {وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ} وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى {قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُسَلِّمْ} وَفِي حَدِيثِ التَّحَرِّي قَالَ: {فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيَبْنِ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ} وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ {فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ ثُمَّ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ} فَهَذَا أَمَرَ فِيهِ بِالسَّلَامِ ثُمَّ بِالسُّجُودِ. وَذَاكَ أَمَرَ فِيهِ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ وَكِلَاهُمَا أَمْرٌ مِنْهُ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ.