للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَحْمَد بْنُ تَيْمِيَّة عَلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} : هَاتَانِ الْآيَتَانِ مُشْتَمِلَتَانِ عَلَى آدَابِ نَوْعَيْ الدُّعَاءِ: دُعَاءُ الْعِبَادَةِ وَدُعَاءُ الْمَسْأَلَةِ؛ فَإِنَّ الدُّعَاءَ فِي الْقُرْآنِ يُرَادُ بِهِ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً وَيُرَادُ بِهِ مَجْمُوعُهُمَا؛ وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ. فَإِنَّ دُعَاءَ الْمَسْأَلَةِ هُوَ طَلَبُ مَا يَنْفَعُ الدَّاعِيَ وَطَلَبُ كَشْفِ مَا يَضُرُّهُ وَدَفْعِهِ. وَكُلُّ مَنْ يَمْلِكُ الضُّرَّ وَالنَّفْعَ فَإِنَّهُ هُوَ الْمَعْبُودُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلنَّفْعِ وَالضُّرِّ. وَلِهَذَا أَنْكَرَ تَعَالَى عَلَى مَنْ عَبَدَ مَنْ دُونِهِ مَا لَا يَمْلِكُ ضُرًّا وَلَا نَفْعًا. وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ} وَقَالَ: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} فَنَفَى سُبْحَانَهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمَعْبُودِينَ الضُّرَّ وَالنَّفْعَ الْقَاصِرَ وَالْمُتَعَدِّيَ فَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا لِعَابِدِيهِمْ. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ يُبَيِّنُ تَعَالَى أَنَّ الْمَعْبُودَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا