للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قِيلَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِأُصُولِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَعَلَى {قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَوْ الصِّيَامِ أَوْ غَيْرِهِمَا إلَّا مَعَ الْفُجُورِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ عِبَادَهُ بِأَمْرِ لَا يُمْكِنُ إلَّا مَعَ الْفُجُورِ فَإِنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالضَّرُورَةِ كَمَا يُبَاحُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَلَكِنْ إذَا أُكْرِهَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ يُفْعَلَ بِهَا وَلَا تَسْتَطِيعُ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ فَهَذِهِ لَا فِعْلَ لَهَا وَإِنْ كَانَ بِالْإِكْرَاهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد: إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ إلَّا الْأَقْوَالُ دُونَ الْأَفْعَالِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، أَنَّ الْمُكْرَهَةَ عَلَى الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ مَعْفُوٌّ عَنْهَا. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . وَأَمَّا الرَّجُلُ الزَّانِي: فَفِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ هَلْ يَمْنَعُ الِانْتِشَارَ أَمْ لَا فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ يَقُولَانِ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُكْرَهًا عَلَى الزِّنَا. وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ الْعَبْدَ أَنْ يَفْعَلَ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ دُونَ بَعْضٍ فَإِنَّهُ