يَبْقَى وَطْؤُهَا مُحَرَّمًا مَعَ رُجُوعِهَا إلَى أَهْلِهَا وَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ إلَى أَنْ تَعُودَ فَهَذَا أَيْضًا مِنْ أَعْظَمِ الْحَرَجِ الَّذِي لَا يُوجِبُ اللَّهُ مِثْلَهُ إذْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ إيجَابِ حَجَّتَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ إلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً. وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَالْمُفْسِدِ فَإِنَّمَا ذَاكَ لِتَفْرِيطِهِ بِإِفْسَادِ الْحَجِّ وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُحْصَرِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ، وَمَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَإِنَّهُ يُوجِبُهُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ عِنْدَهُ. وَإِذَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَرْأَةِ: بَلْ تَتَحَلَّلُ كَمَا يَتَحَلَّلُ الْمُحْصَرُ فَهَذَا لَا يُفِيدُ سُقُوطَ الْفَرْضِ عَنْهَا فَتَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى حَجَّةٍ ثَانِيَةٍ ثُمَّ هِيَ فِي الثَّانِيَةِ تَخَافُ مَا خَافَتْهُ فِي الْأُولَى مَعَ أَنَّ الْمَحْصَرَ لَا يَحِلُّ إلَّا مَعَ الْعَجْزِ الْحِسِّيِّ إمَّا بِعَدُوِّ أَوْ بِمَرَضِ أَوْ فَقْرٍ أَوْ حَبْسٍ. فَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَلَا يَكُونُ أَحَدٌ مُحْصَرًا وَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ مَحْصَرًا فِي الشَّرْعِ فَهَذِهِ هِيَ التَّقْدِيرَاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تُفْعَلَ: إمَّا مُقَامُهَا بِمَكَّةَ وَإِمَّا رُجُوعُهَا مُحْرِمَةً وَإِمَّا تَحَلُّلُهَا وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا مَنَعَهُ الشَّرْعُ فِي حَقِّ مِثْلِهَا. وَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْحَجَّ يَسْقُطُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ كَمَا يَسْقُطُ عَمَّنْ لَا تَحُجُّ إلَّا مَعَ مَنْ يَفْجُرُ بِهَا لِكَوْنِ الطَّوَافِ مَعَ الْحَيْضِ يَحْرُمُ كَالْفُجُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute