بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ هَذَا الْخِطَابِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ} وَأَمْثَالِهَا. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} . وَكِلَاهُمَا وَقَعَ وَيَقَعُ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. فَإِنَّهُ مَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ طَائِفَةٌ إلَّا أَتَى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ يُجَاهِدُونَ عَنْهُ وَهُمْ الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. يَبِينُ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} - إلَى قَوْلِهِ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} . فَالْمُخَاطَبُونَ بِالنَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى هَمّ الْمُخَاطَبُونَ بِآيَةِ الرِّدَّةِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ قُرُونِ الْأُمَّةِ. وَهُوَ لَمَّا نَهَى عَنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ وَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ مِنْ الْمُخَاطَبِينَ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ بَيَّنَ أَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ وَارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ لَا يَضُرُّ الْإِسْلَامَ شَيْئًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute