الْأَصْلِ؛ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الرَّسُولِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُرْسَلِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْعِلْمِ بِالصَّانِعِ أَوَّلًا وَمَعْرِفَةِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَهَذَا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الصَّانِعِ فِيمَا زَعَمُوا إلَّا بِمَعْرِفَةِ مَخْلُوقَاتِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ حُدُوثِ الْمَخْلُوقَاتِ إلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقِ فِيمَا زَعَمُوا وَيَقُولُ أَكْثَرُهُمْ: أَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ مَعْرِفَةُ اللَّهِ؛ وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا بِهَذَا الطَّرِيقِ. وَيَقُولُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: إنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} قَالُوا: فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ اسْتَدَلَّ بِالْأُفُولِ - وَهُوَ الْحَرَكَةُ وَالِانْتِقَالُ - عَلَى أَنَّ الْمُتَحَرِّكَ لَا يَكُونُ إلَهًا. قَالُوا: وَلِهَذَا يَجِبُ تَأْوِيلُ مَا وَرَدَ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَالِفًا لِذَلِكَ مِنْ وَصْفِ الرَّبِّ بِالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ وَالنُّزُولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ كَوْنَهُ نَبِيًّا لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهَذَا الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ فَلَوْ قَدَحَ فِي ذَلِكَ لَزِمَ الْقَدْحُ فِي دَلِيلِ نُبُوَّتِهِ فَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَهَذَا وَنَحْوُهُ هُوَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ الَّذِي يَقُولُونَ إنَّهُ عَارَضَ السَّمْعَ وَالْعَقْلَ. وَنَقُولُ إذَا تَعَارَضَ السَّمْعُ وَالْعَقْلُ امْتَنَعَ تَصْدِيقُهُمَا وَتَكْذِيبُهُمَا وَتَصْدِيقُ السَّمْعِ دُونَ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ هُوَ أَصْلُ السَّمْعِ فَلَوْ جُرِحَ أَصْلُ الشَّرْعِ كَانَ جَرْحًا لَهُ. وَلِأَجْلِ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَنْكَرَتْ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةُ الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةَ وَقَالُوا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute