للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْمَحَبَّةَ التَّامَّةَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ مَحْبُوبَاتِهِ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي التِّرْمِذِيِّ {مَنْ أَحَبّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ} " فَإِنَّهُ إذَا كَانَ حُبُّهُ لِلَّهِ وَبُغْضُهُ لِلَّهِ وَهُمَا عَمَلُ قَلْبِهِ. وَعَطَاؤُهُ لِلَّهِ وَمَنْعُهُ لِلَّهِ وَهُمَا عَمَلُ بَدَنِهِ دَلَّ عَلَى كَمَالِ مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ ودَلَّ ذَلِكَ عَلَى كَمَالِ الْإِيمَانِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ كَمَالَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَذَلِكَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْعِبَادَةُ تَتَضَمَّنُ كَمَالَ الْحُبِّ وَكَمَالَ الذُّلِّ وَالْحُبُّ مَبْدَأُ جَمِيعِ الْحَرَكَاتِ الْإِرَادِيَّةِ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ حَيٍّ مِنْ حُبّ وَبُغْضٍ فَإِذَا كَانَتْ مَحَبَّتُهُ لِمَنْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَبُغْضُهُ لِمَنْ يُبْغِضُهُ اللَّهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ لَكِنْ قَدْ يَقْوَى ذَلِكَ وَقَدْ يَضْعُفُ بِمَا يُعَارِضُهُ مِنْ شَهَوَاتِ النَّفْسِ وَأَهْوَائِهَا الَّذِي يَظْهَرُ فِي بَذْلِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ مَادَّةُ النَّفْسِ فَإِذَا كَانَ حُبُّهُ لِلَّهِ وَعَطَاؤُهُ لِلَّهِ وَمَنْعُهُ لِلَّهِ. دَلَّ عَلَى كَمَالِ الْإِيمَانِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا. وَأَصْلُ الشِّرْكِ فِي الْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا - إنَّمَا هُوَ اتِّخَاذُ أَنْدَادٍ يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} وَمَنْ كَانَ حُبُّهُ لِلَّهِ وَبُغْضُهُ لِلَّهِ لَا يُحِبُّ إلَّا لِلَّهِ وَلَا يُبْغِضُ إلَّا لِلَّهِ وَلَا يُعْطِي إلَّا لِلَّهِ وَلَا يَمْنَعُ إلَّا لِلَّهِ فَهَذِهِ حَالُ السَّابِقِينَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ