وَأَمَّا الْعَدْلُ فِي " النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ " فَهُوَ السُّنَّةُ أَيْضًا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فِي النَّفَقَةِ؛ كَمَا كَانَ يَعْدِلُ فِي الْقِسْمَةِ؛ مَعَ تَنَازُعِ النَّاسِ فِي الْقَسْمِ: هَلْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ؟ أَوْ مُسْتَحَبًّا لَهُ؟ وَتَنَازَعُوا فِي الْعَدْلِ فِي النَّفَقَةِ: هَلْ هُوَ وَاجِبٌ؟ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَوُجُوبُهُ أَقْوَى وَأَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَهَذَا الْعَدْلُ مَأْمُورٌ لَهُ مَا دَامَتْ زَوْجَةً؛ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ اصْطَلَحَ هُوَ وَاَلَّتِي يُرِيدُ طَلَاقَهَا عَلَى أَنْ تُقِيمَ عِنْدَهُ بِلَا قَسْمٍ وَهِيَ رَاضِيَةٌ بِذَلِكَ جَازَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا؛ فَتَقُولُ: لَا تُطَلِّقْنِي وَأَمْسِكْنِي وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ يَوْمِي: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَدْ {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ سَوْدَةَ فَوَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَأَمْسَكَهَا بِلَا قِسْمَةٍ} وَكَذَلِكَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ جَرَى لَهُ نَحْوُ ذَلِكَ وَيُقَالُ إنَّ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِيهِ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ؛ وَيُفَضِّلُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي النَّفَقَةِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ حَتَّى إنَّهُ هَجَرَهَا: فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute