فَلَا يُوجَدُ قَطُّ مَسْأَلَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا إلَّا وَفِيهَا بَيَانٌ مِنْ الرَّسُولِ وَلَكِنْ قَدْ يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ وَيَعْلَمُ الْإِجْمَاعَ. فَيَسْتَدِلُّ بِهِ كَمَا أَنَّهُ يَسْتَدِلُّ بِالنَّصِّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ دَلَالَةَ النَّصِّ وَهُوَ دَلِيلٌ ثَانٍ مَعَ النَّصِّ كَالْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ فِي الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ الْإِجْمَاعُ دَلِيلٌ آخَرُ كَمَا يُقَالُ: قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَكُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ يَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ مَعَ تَلَازُمِهَا؛ فَإِنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فَعَنْ الرَّسُولِ أُخِذَ فَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كِلَاهُمَا مَأْخُوذٌ عَنْهُ وَلَا يُوجَدُ مَسْأَلَةٌ يَتَّفِقُ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهَا إلَّا وَفِيهَا نَصٌّ. وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسُ يَذْكُرُ مَسَائِلَ فِيهَا إجْمَاعٌ بِلَا نَصٍّ كَالْمُضَارَبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُضَارَبَةُ كَانَتْ مَشْهُورَةً بَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا سِيَّمَا قُرَيْشٌ؛ فَإِنَّ الْأَغْلَبَ كَانَ عَلَيْهِمْ التِّجَارَةُ وَكَانَ أَصْحَابُ الْأَمْوَالِ يَدْفَعُونَهَا إلَى الْعُمَّالِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَافَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ كَمَا سَافَرَ بِمَالِ خَدِيجَةَ وَالْعِيرُ الَّتِي كَانَ فِيهَا أَبُو سُفْيَانَ كَانَ أَكْثَرُهَا مُضَارَبَةً مَعَ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُسَافِرُونَ بِمَالِ غَيْرِهِمْ مُضَارَبَةً وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ وَالسُّنَّةُ: قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ وَإِقْرَارُهُ. فَلَمَّا أَقَرَّهَا كَانَتْ ثَابِتَةً بِالسُّنَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute