وَالْأَثَرُ الْمَشْهُورُ فِيهَا عَنْ عُمَرَ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ لَمَّا أَرْسَلَ أَبُو مُوسَى بِمَالٍ أَقْرَضَهُ لِابْنَيْهِ وَاتَّجَرَا فِيهِ وَرَبِحَا وَطَلَبَ عُمَرُ أَنْ يَأْخُذَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِكَوْنِهِ خَصَّهُمَا بِذَلِكَ دُونَ سَائِرِ الْجَيْشِ فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا: لَوْ خَسِرَ الْمَالَ كَانَ عَلَيْنَا فَكَيْفَ يَكُونُ لَك الرِّبْحُ وَعَلَيْنَا الضَّمَانُ؟ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: اجْعَلْهُ مُضَارِبًا فَجَعَلَهُ مُضَارَبَةً وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بَيْنَهُمْ وَالْعَهْدَ بِالرَّسُولِ قَرِيبٌ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَهُ فَعَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بَيْنَهُمْ عَلَى عَهْدِ الرَّسُولِ كَمَا كَانَتْ الْفِلَاحَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الصِّنَاعَاتِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْجِزَارَةِ. وَعَلَى هَذَا فَالْمَسَائِلُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا قَدْ تَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لَمْ يَعْرِفُوا فِيهَا نَصًّا فَقَالُوا فِيهَا بِاجْتِهَادِ الرَّأْيِ الْمُوَافِقِ لِلنَّصِّ لَكِنْ كَانَ النَّصُّ عِنْدَ غَيْرِهِمْ. وَابْنُ جَرِيرٍ وَطَائِفَةٌ يَقُولُونَ: لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ إلَّا عَنْ نَصٍّ نَقَلُوهُ عَنْ الرَّسُولِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ. وَنَحْنُ لَا نَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ عَلِمُوا النَّصَّ فَنَقَلُوهُ بِالْمَعْنَى كَمَا تُنْقَلُ الْأَخْبَارُ لَكِنْ اسْتَقْرَأْنَا مَوَارِدَ الْإِجْمَاعِ فَوَجَدْنَاهَا كُلَّهَا مَنْصُوصَةً وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَعْلَمْ النَّصَّ وَقَدْ وَافَقَ الْجَمَاعَةُ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَحْتَجُّ بِقِيَاسٍ وَفِيهَا إجْمَاعٌ لَمْ يَعْلَمْهُ فَيُوَافِقُ الْإِجْمَاعَ وَكَمَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ خَاصٌّ وَقَدْ اسْتَدَلَّ فِيهَا بَعْضُهُمْ بِعُمُومِ كَاسْتِدْلَالِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute