الَّتِي لِي: فَتَعْبُدْنِي لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَأَمَّا الَّتِي لَك فَعَمَلُك أَجْزِيك بِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إلَيْهِ وَأَمَّا الَّتِي هِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَمِنْك الدُّعَاءُ وَعَلَيَّ الْإِجَابَةُ وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَك وَبَيْنَ خَلْقِي فَأْتِ إلَى النَّاسِ بِمَا تُحِبُّ أَنْ يَأْتُوهُ إلَيْك} .
ثُمَّ إنَّ التَّوْحِيدَ الْجَامِعَ لِتَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ أَوْ تَوْحِيدِ أَحَدِهِمَا: لِلْعَبْدِ فِيهِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ:
أَحَدُهَا: مَقَامُ الْفَرْقِ وَالْكَثْرَةِ بِإِنْعَامِهِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَخْلُوقَاتِ وَالْمَأْمُورَاتِ.
وَالثَّانِي: مَقَامُ الْجَمْعِ وَالْفَنَاءِ بِحَيْثُ يَغِيبُ بِمَشْهُودِهِ عَنْ شُهُودِهِ. وَبِمَعْبُودِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ وَبِمُوَحِّدِهِ عَنْ تَوْحِيدِهِ وَبِمَذْكُورِهِ عَنْ ذِكْره وَبِمَحْبُوبِهِ عَنْ حُبِّهِ؛ فَهَذَا فَنَاءٌ عَنْ إدْرَاكِ السَّوِيِّ وَهُوَ فَنَاءُ الْقَاصِرِينَ. وَأَمَّا الْفَنَاءُ الْكَامِلُ الْمُحَمَّدِيُّ: فَهُوَ الْفَنَاءُ عَنْ عِبَادَةِ السَّوِيِّ وَالِاسْتِعَانَةِ بِالسَّوِيِّ وَإِرَادَةِ وَجْهِ السَّوِيِّ وَهَذَا فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ شُهُودُ التَّفْرِقَةِ فِي الْجَمْعِ وَالْكَثْرَةِ فِي الْوَحْدَةِ فَيَشْهَدُ قِيَامَ الْكَائِنَاتِ مَعَ تَفَرُّقِهَا بِإِقَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ وَرُبُوبِيَّتِهِ. وَيَرَى أَنَّهُ مَا مِنْ دَابَّةٍ إلَّا رَبِّي آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ وَأَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَأَنَّ قُلُوبَ الْعِبَادِ وَنَوَاصِيَهُمْ بِيَدِهِ لَا خَالِقَ غَيْرُهُ وَلَا نَافِعَ وَلَا ضَارَّ وَلَا مُعْطِيَ وَلَا مَانِعَ وَلَا حَافِظَ وَلَا مُعِزَّ وَلَا مُذِلَّ سِوَاهُ؛ وَيَشْهَدُ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute