للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْمًا ضَالِّينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} فَمَنْ وَقَفَ عِنْدَ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ وَعِنْدَ شُهُودِهَا وَلَمْ يَقُمْ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْحَقِيقَةِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي هِيَ عِبَادَتُهُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِإِلَهِيَّتِهِ وَطَاعَةِ أَمْرِهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِ إبْلِيسَ وَأَهْلِ النَّارِ؛ وَإِنْ ظَنَّ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ الَّذِينَ يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ الشَّرْعِيَّانِ كَانَ مِنْ أَشَرِّ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْإِلْحَادِ.

وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْخَضِرَ وَغَيْرَهُ سَقَطَ عَنْهُمْ الْأَمْرُ لِمُشَاهَدَةِ الْإِرَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ قَوْلُهُ هَذَا مِنْ شَرِّ أَقْوَالِ الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ. حَتَّى يَدْخُلَ فِي " النَّوْعِ الثَّانِي " مِنْ مَعْنَى الْعَبْدِ وَهُوَ الْعَبْدُ بِمَعْنَى الْعَابِدِ فَيَكُونُ عَابِدًا لِلَّهِ لَا يَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ؛ فَيُطِيعُ أَمْرَهُ وَأَمْرَ رُسُلِهِ وَيُوَالِي أَوْلِيَاءَهُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ؛ وَيُعَادِي أَعْدَاءَهُ وَهَذِهِ الْعِبَادَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِلَهِيَّتِهِ وَلِهَذَا كَانَ عُنْوَانُ التَّوْحِيدِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " بِخِلَافِ مَنْ يُقِرُّ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَلَا يَعْبُدُهُ: أَوْ يَعْبُدُ مَعَهُ إلَهًا آخَرَ فَالْإِلَهُ الَّذِي يألهه الْقَلْبُ بِكَمَالِ الْحُبِّ وَالتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذِهِ الْعِبَادَةُ هِيَ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ وَيَرْضَاهَا وَبِهَا وَصَفَ الْمُصْطَفَيْنَ مِنْ عِبَادِهِ وَبِهَا بَعَثَ رُسُلَهُ. وَأَمَّا " الْعَبْدُ " بِمَعْنَى الْمُعَبَّدِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَوْ أَنْكَرَهُ: فَتِلْكَ يَشْتَرِكُ