اللَّهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَمَ الْفَوْزِ وَآيَةَ النَّجَاةِ وَإِذَا كَانَ صَاحِبُهُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - فِي حُكْمِ اللَّهِ مِنْ الْأَشْقِيَاءِ يَكُونُ إيمَانُهُ الَّذِي تَحَلَّى بِهِ فِي الْحَالِ عَارِيَةً. قَالَ: وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الصَّائِرِينَ إلَى هَذَا الْمَذْهَبِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: أَنَا مُؤْمِنٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَطْعًا؛ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا. قُلْت: هَذَا إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الْإِيمَانَ مُتَنَاوَلًا لِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ فَمَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْجَهْمِيَّة وَالْمُرْجِئَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي نَصَرَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَصَرُوا قَوْلَ جَهْمٍ؛ فَإِنَّهُ يَمُوتُ عَلَى الْإِيمَانِ قَطْعًا وَيَكُونُ كَامِلَ الْإِيمَانِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ مَعَ هَذَا عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ فَلَا يَلْزَمُ إذَا وَافَى بِالْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَهَذَا اللَّازِمُ لِقَوْلِهِمْ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَنَّةِ. وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَا سِيَّمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} الْآيَةَ. قَالَ: فَهَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْقَائِلِينَ بِالْمُوَافَاةِ جَعَلُوا الثَّبَاتَ عَلَى هَذَا التَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ إلَى الْعَاقِبَةِ وَالْوَفَاءَ بِهِ فِي الْمَآلِ شَرْطًا فِي الْإِيمَانِ شَرْعًا لَا لُغَةً وَلَا عَقْلًا. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ سَلَفِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْأَكْثَرِينَ؛ قَالَ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ فورك؛ وَكَانَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ ابْنُ إسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَة يَغْلُو فِيهِ وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.
وَأَمَّا مَذْهَبُ سَلَفِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute