مُشْكِلَةٌ كَثُرَ فِيهَا غَلَطُ النَّاسِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاشْتِبَاهِ وَالِالْتِبَاسِ.
وَالْجَوَابُ الْحَقُّ: أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَا يُمَاثِلُ كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ كَمَا لَا يُمَاثِلُ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الْحُدُوثِ لَفْظٌ مُجْمَلٌ فَإِنَّا إذَا قُلْنَا: لِلَّهِ عِلْمٌ وَلَنَا عِلْمٌ أَوْ لَهُ قُدْرَةٌ وَلَنَا قُدْرَةٌ أَوْ لَهُ كَلَامٌ وَلَنَا كَلَامٌ أَوْ تَكَلَّمَ بِصَوْتِ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ وَقُلْنَا صِفَةُ الْخَالِقِ وَصِفَةُ الْمَخْلُوقِ اشْتَرَكَتَا فِي الْحَقِيقَةِ - فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ حَقِيقَتَهُمَا وَاحِدَةٌ بِالْعَيْنِ فَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْحِسِّ وَالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ مُمَاثِلَةٌ لِهَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتَا فِي الصِّفَاتِ الْعَرَضِيَّةِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ - وَقَدْ بَيَّنَ فَسَادَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى " الْأَرْبَعِينَ " للرازي وَغَيْرِ ذَلِكَ - فَهَذَا أَيْضًا مَنْ أَبْطَلَ الْبَاطِلِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةُ ذَاتِ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ مُمَاثِلَةً لِحَقِيقَةِ ذَوَاتِ الْمَخْلُوقِينَ. وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي مُسَمَّى الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامِ فَهَذَا صَحِيحٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا قِيلَ: إنَّهُ مَوْجُودٌ أَوْ إنَّ لَهُ ذَاتًا فَقَدْ اشْتَرَكَا فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ وَالذَّاتِ لَكِنَّ هَذَا الْمُشْتَرِكَ أَمْرٌ كُلِّيٌّ لَا يُوجَدُ كُلِّيًّا إلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ فَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ شَيْءٌ اشْتَرَكَ فِيهِ مَخْلُوقَانِ كَاشْتِرَاكِ الْجُزْئِيَّاتِ فِي كُلِّيَّاتِهَا بِخِلَافِ اشْتِرَاكِ الْأَجْزَاءِ فِي الْكُلِّ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ قِسْمَةِ الْكُلِّيِّ إلَى جُزْئِيَّاتِهِ كَقِسْمَةِ الْحَيَوَانِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute