فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: الْكَمَالُ وَالنَّقْصُ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ: فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الرَّبُّ هُوَ الْكَمَالُ الَّذِي لَا نَقْصَ فِيهِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ وَأَنَّهُ الْكَمَالُ الْمُمْكِنُ لِلْمَوْجُودِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَنْتَفِي عَنْ اللَّهِ أَصْلًا وَالْكَمَالُ النِّسْبِيُّ هُوَ الْمُسْتَلْزِمُ لِلنَّقْصِ؛ فَيَكُونُ كَمَالًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ؛ كَالْأَكْلِ لِلْجَائِعِ كَمَالٌ لَهُ وَلِلشَّبْعَانِ نَقْصٌ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَمَالِ مَحْضٍ بَلْ هُوَ مَقْرُونٌ بِالنَّقْصِ. وَالتَّعَالِي وَالتَّكَبُّرُ وَالثَّنَاءُ عَلَى النَّفْسِ وَأَمْرُ النَّاسِ بِعِبَادَتِهِ وَدُعَائِهِ وَالرَّغْبَةِ إلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ هَذَا كَمَالٌ مَحْمُودٌ مِنْ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ نَقْصٌ مَذْمُومٌ مِنْ الْمَخْلُوقِ. وَهَذَا كَالْخَبَرِ عَمَّا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ؛ كَقَوْلِهِ: {إنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} وقَوْله تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} وَقَوْلِهِ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا} وَقَوْلِهِ: {إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} وَقَوْلِهِ: {إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute