للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْقَوْلُ يُوَافِقُ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ فِي إثْبَاتِ خَلْقِ الْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ وَكَذَلِكَ التَّوْرَاةُ الْعِبْرِيَّةُ وَيُفَارِقُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ. " أَحَدُهُمَا " أَنَّ أُولَئِكَ يَقُولُونَ إنَّ الْمَخْلُوقَ كَلَامُ اللَّهِ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إنَّهُ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ؛ لَكِنْ يُسَمَّى كَلَامَ اللَّهِ مَجَازًا وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّتِهِمْ وَجُمْهُورِهِمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ مُتَأَخَّرِيهِمْ؛ بَلْ لَفْظُ الْكَلَامِ يُقَالُ عَلَى هَذَا وَهَذَا بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ لَكِنَّ هَذَا يَنْقُضُ أَصْلَهُمْ فِي إبْطَالِ قِيَامِ الْكَلَامِ بِغَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَهُمْ مَعَ هَذَا لَا يَقُولُونَ إنَّ الْمَخْلُوقَ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً كَمَا تَقُولهُ الْمُعْتَزِلَةُ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهُ كَلَامُهُ حَقِيقَةً بَلْ يَجْعَلُونَ الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ كَلَامًا لِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ كَلَامٌ حَقِيقَةً وَهَذَا شَرٌّ مِنْ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَهَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِ الْجَهْمِيَّة وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ: فَقَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ أَقْرَبُ وَقَوْلُ الْآخَرِينَ هُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّة الْمَحْضَةِ لَكِنْ الْمُعْتَزِلَةُ فِي الْمَعْنَى مُوَافِقُونَ لِهَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا يُنَازِعُونَهُمْ فِي اللَّفْظِ. " الثَّانِي " أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: لِلَّهِ كَلَامٌ هُوَ مَعْنًى قَدِيمٌ قَائِمٌ بِذَاتِهِ والخلقية يَقُولُونَ: لَا يَقُومُ بِذَاتِهِ كَلَامٌ. وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ فالْكُلَّابِيَة خَيْرٌ مِنْ الخلقية فِي الظَّاهِرِ؛ لَكِنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ يَقُولُونَ: إنَّ أَصْحَابَ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ لَمْ يُثْبِتُوا لَهُ كَلَامًا حَقِيقَةً غَيْرَ الْمَخْلُوقِ؛ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ: فَإِنَّ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ