للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ يُقَالُ لَهُمْ فِي سَائِرِ صِفَاتِ الْكَمَالِ: إنَّ الْأَشْيَاءَ تَنْقَسِمُ إلَى قَادِرٍ وَغَيْرِ قَادِرٍ وَالْقَادِرُ أَكْمَلُ. وَقَدْ بُسِطَ مَا فِي كَلَامِهِمْ مِنْ صَوَابٍ وَخَطَأٍ فِي الْكِتَابِ الَّذِي سَمَّيْنَاهُ " الْجَوَابُ الصَّحِيحُ لِمَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ ". وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى دَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي هِيَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ.

وَقَوْلُهُ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} يَدُلُّ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى تَعْلِيمِ الْإِنْسَانِ مَا قَدْ عَلَّمَهُ مَعَ كَوْنِ جِنْسِ الْإِنْسَانِ فِيهِ أَنْوَاعٌ مِنْ النَّقْصِ. فَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيمِ فَقُدْرَتُهُ عَلَى تَعْلِيمِ الْأَنْبِيَاءِ مَا عَلَّمَهُمْ أَوْلَى وَأَحْرَى. وَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ النَّاسِ. فَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى جَمِيعِ الْأُصُولِ الْعَقْلِيَّةِ فَإِنَّ إمْكَانَ النُّبُوَّاتِ هُوَ آخِرُ مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ. وَأَمَّا وُجُودُ الْأَنْبِيَاءِ وَآيَاتِهِمْ فَيُعْلَمُ بِالسَّمْعِ الْمُتَوَاتِرِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} يَدْخُلُ فِيهِ إثْبَاتُ تَعْلِيمِهِ لِلْأَنْبِيَاءِ مَا عَلَّمَهُمْ فَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الْإِمْكَانِ وَالْوُقُوعِ.