للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ تَنْزِيهَهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلَيْنِ. تَنْزِيهُهُ عَنْ النَّقْصِ الْمُنَاقِضِ لِكَمَالِهِ. فَمَا دَلَّ عَلَى ثُبُوتِ الْكَمَالِ لَهُ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَنَزُّهِهِ عَنْ النَّقْصِ الْمُنَاقِضِ لِكَمَالِهِ. وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ تَنَزُّهَهُ عَنْ النَّقْصِ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ بِخِلَافِ مَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ إنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِالسَّمْعِ. وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ الطُّرُقَ الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي سَلَكُوهَا مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْإِعْرَاضِ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ لَا تَدُلُّ عَلَى إثْبَاتِهِ وَلَا عَلَى إثْبَاتِ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَلَا عَلَى تَنَزُّهِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ النَّقَائِصِ. فَلَيْسَ عِنْدَ الْقَوْمِ مَا يُحِيلُونَ بِهِ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ النَّقَائِصِ. وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الْأَفْعَالَ يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ بِخِلَافِ الصِّفَاتِ. لَكِنَّ طَرِيقَهُمْ فِي الصِّفَاتِ فَاسِدٌ مُتَنَاقِضٌ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ. وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ بِإِثْبَاتِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ بِإِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ وَتَنْزِيهِهِ عَنْ التَّمْثِيلِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.