بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَهُوَ خَالِقُهُ؛ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ وَغَيْرُهَا؛ ثُمَّ قَالُوا: وَإِذَا كَانَ مُرِيدًا لِكُلِّ حَادِثٍ وَالْإِرَادَةُ هِيَ الْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا؛ فَهُوَ مُحِبٌّ رَاضٍ لِكُلِّ حَادِثٍ؛ وَقَالُوا: كُلُّ مَا فِي الْوُجُودِ مِنْ كُفْرٍ وَفُسُوقٍ وَعِصْيَانٍ فَإِنَّ اللَّهَ رَاضٍ بِهِ مُحِبٌّ لَهُ؛ كَمَا هُوَ مُرِيدٌ لَهُ. فَقِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} . فَقَالُوا: هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا يُرِيدُ الْفَسَادَ؛ وَلَا يُرِيدُ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ؛ وَهَذَا يَصِحُّ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِمَنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ الْكُفْرُ وَالْفَسَادُ؛ وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُرِيدُ وَلَا يُحِبُّ مَا لَمْ يَقَعْ عِنْدَهُمْ؛ فَقَالُوا: مَعْنَاهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَلَا يَرْضَاهُ لَهُمْ. وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ: أَنَّ اللَّهَ أَيْضًا لَا يُحِبُّ الْإِيمَانَ وَلَا يَرْضَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ. فَالْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا عِنْدَهُمْ كَالْإِرَادَةِ عِنْدَهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا وَقَعَ دُونَ مَا لَمْ يَقَعْ؛ سَوَاءٌ كَانَ مَأْمُورًا بِهِ أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ؛ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ سَعَادَةِ الْعِبَادِ أَوْ شَقَاوَتِهِمْ؛ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَا وُجِدَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ؛ وَلَا يُحِبُّ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ؛ كَمَا أَرَادَ هَذَا دُونَ هَذَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَالُوا: لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ دِينًا؛ وَلَا يَرْضَاهُ دِينًا؛ وَحَقِيقَةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُهُ دِينًا؛ فَإِنَّهُ إذَا أَرَادَ وُقُوعَ الشَّيْءِ عَلَى صِفَةٍ لَمْ يَكُنْ مُرِيدًا لَهُ عَلَى خِلَافِ تِلْكَ الصِّفَةِ؛ وَهُوَ إذَا أَرَادَ وُقُوعَ شَيْءٍ مَعَ شَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute