الْوُضُوءَ لَا يُنْقَضُ. فَإِذَا عَادَ الْحَدَثُ إلَى الرَّجُلِ عَادَ إلَى جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَهَذَا عِنْدَ الْعُذْرِ: فِيهِ نِزَاعٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ يَكُونُ التَّرْتِيبُ شَرْطًا لَا يَسْقُطُ بِجَهْلِ وَلَا نِسْيَانٍ. كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ شَاةُ لَحْمٍ} فَالذَّبْحُ لِلْأُضْحِيَّةِ: مَشْرُوطٌ بِالصَّلَاةِ قَبْلَهُ. وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ جَاهِلًا. فَلَمْ يَعْذُرْهُ بِالْجَهْلِ. بَلْ أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الذَّبْحِ. بِخِلَافِ الَّذِينَ قَدَّمُوا فِي الْحَجِّ: الذَّبْحَ عَلَى الرَّمْيِ أَوْ الْحَلْقَ عَلَى مَا قَبْلَهُ. فَإِنَّهُ قَالَ {افْعَلْ وَلَا حَرَجَ} فَهَاتَانِ سُنَّتَانِ: سُنَّةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ إذَا ذُبِحَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ: أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ. وَسُنَّةٌ فِي الْهَدْيِ إذَا ذَبَحَ قَبْلَ الرَّمْيِ جَهْلًا: أَجْزَأَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْهَدْيَ صَارَ نُسُكًا بِسَوْقِهِ إلَى الْحَرَمِ وَتَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ. فَقَدْ بَلَغَ مَحَلَّهُ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ. فَإِذَا قَدَّمَ جَهْلًا: لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ هَدْيًا؛ وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ: فَإِنَّهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا تَتَمَيَّزُ عَنْ شَاةِ اللَّحْمِ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هِيَ شَاةُ لَحْمٍ قَدَّمَهَا لِأَهْلِهِ} وَإِنَّمَا هِيَ نُسُكٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وَقَالَ: {إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} فَصَارَ فِعْلُهُ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ: كَالصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute