كَقُدْرَةِ الْعَبْدِ لَا تَأْثِيرَ لِشَيْءِ مِنْهَا فِيمَا اقْتَرَنَتْ بِهِ مِنْ الْحَوَادِثِ وَالْأَفْعَالِ وَالْمُسَبَّبَاتِ بَلْ قَرَنَ الْخَالِقُ هَذَا بِهَذَا لَا لِسَبَبِ وَلَا لِحِكْمَةِ أَصْلًا. وَقَالُوا: إنَّ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِيَ مَعَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ كَذَلِكَ لَيْسَ فِي الطَّاعَةِ مَعْنًى يُنَاسِبُ الثَّوَابَ وَلَا فِي الْمَعْصِيَةِ مَعْنًى يُنَاسِبُ الْعِقَابَ وَلَا كَانَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ حِكْمَةٌ لِأَجْلِهَا أَمَرَ وَنَهَى؛ وَلَا أَرَادَ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ رَحْمَةَ الْعِبَادِ وَمَصْلَحَتَهُمْ بَلْ أَرَادَ أَنْ يُنَعِّمَ طَائِفَةً وَيُعَذِّبَ طَائِفَةً لَا لِحِكْمَةِ وَالسَّبَبُ هُوَ جَعْلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ عَلَامَةً عَلَى ذَلِكَ لَا لِسَبَبِ وَلَا لِحِكْمَةِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى بِالشِّرْكِ وَتَكْذِيبِ الرُّسُلِ وَالظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ وَيَنْهَى عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ وَطَاعَتِهِمْ. وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ كَأَبِي الْحَسَنِ وَأَتْبَاعِهِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد مِثْلَ ابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَأَمْثَالِهِمَا يَقُولُونَ: إنَّ الْخَلْقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ وَالْفِعْلَ هُوَ الْمَفْعُولُ وَقَدْ جَعَلُوا أَفْعَالَ الْعِبَادِ فِعْلًا لِلَّهِ وَالْفِعْلُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْمَفْعُولُ فَامْتَنَعَ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لِلْعَبْدِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ فِعْلٌ وَاحِدٌ لَهُ فَاعِلَانِ. وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: إنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ مَفْعُولَةٌ لَهُ وَهِيَ فِعْلٌ لِلْعَبْدِ قَائِمَةٌ بِهِ وَلَيْسَتْ فِعْلًا لِلَّهِ قَائِمًا بِهِ بَلْ مَفْعُولُهُ غَيْرُ فِعْلِهِ وَالرَّبُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute