مُطْلَقًا عَنْ كُلِّ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ الْإِرَادَاتِ الْجَازِمَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ ظَنِّ الِاثْنَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ لَمْ يَظْهَرْ بِقَوْلِ وَلَا عَمَلٍ. وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ انْحِرَافٌ عَنْ الْوَسَطِ. فَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الْإِرَادَةَ الْجَازِمَةَ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا الْفِعْلُ مَعَ الْقُدْرَةِ إلَّا لِعَجْزِ يَجْرِي صَاحِبُهَا مَجْرَى الْفَاعِلِ التَّامِّ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَأَمَّا إذَا تَخَلَّفَ عَنْهَا مَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَذَلِكَ الْمُتَخَلِّفُ لَا يَكُونُ مُرَادًا إرَادَةً جَازِمَةً؛ بَلْ هُوَ الْهَمُّ الَّذِي وَقَعَ الْعَفْوُ عَنْهُ. وَبِهِ ائْتَلَفَتْ النُّصُوصُ وَالْأُصُولُ.
ثُمَّ هُنَا " مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ " فِيمَا يَجْتَمِعُ فِي الْقَلْبِ مِنْ الْإِرَادَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ كَالِاعْتِقَادَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ وَإِرَادَةِ الشَّيْءِ وَضِدِّهِ؛ مِثْلَ شَهْوَةِ النَّفْسِ لِلْمَعْصِيَةِ وَبُغْضِ الْقَلْبِ لَهَا. وَمِثْلَ حَدِيثِ النَّفْسِ الَّذِي يَتَضَمَّنُ الْكُفْرَ إذَا قَارَنَهُ بَعْضُ ذَلِكَ وَالتَّعَوُّذُ مِنْهُ كَمَا {شَكَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ فَقَالُوا: إنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ مَا لَأَنْ يَحْتَرِقَ حَتَّى يَصِيرَ حُمَمَةً أَوْ يَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ أَحَبّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ فَقَالَ: أو قَدْ وَجَدْتُمُوهُ فَقَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَفِيهِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ} . وَحِينَ كَتَبْت هَذَا الْجَوَابَ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي مِنْ الْكُتُبِ مَا يُسْتَعَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute